< هل سحر النبى صلى اللة علية وسلم > وحقيقة هذا السحر ومو قف اهل السنة من هذا الحديث
صفحة 1 من اصل 1
< هل سحر النبى صلى اللة علية وسلم > وحقيقة هذا السحر ومو قف اهل السنة من هذا الحديث
الحمد للة رب العالمين
حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ، وقد رواه البخاري
ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث ، وتلقاه أهل السنَّة بالقبول والرضا ، ولم يُنكره
إلا المبتدعة ، وفيما يلي نص الحديث ، وتخريجه ، ومعناه ، ورد العلماء على من أنكره
.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( سُحِرَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ
أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ , حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا ,
وَدَعَا ثُمَّ قَالَ : أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي
؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ
رِجْلَيَّ , فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ :
مَطْبُوبٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَ :
فِيمَا ذَا ؟ قَالَ : فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ
فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ . فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ
: نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . فَقُلْتُ : اسْتَخْرَجْتَهُ ؟
فَقَالَ : لا , أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ , وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ
ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا , ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ ) رواه البخاري
(3268) ومسلم (2189) .
مطبوب : مسحور .
(مُشط) : آلة تسريح الشعر .
(مشاقة) أو (مشاطة) : ما يسقط من الشعر .
(وجف طلع نخلة ذَكَر) : هو الغشاء الذي يكون على الطلع ، ويطلق
على الذكر والأنثى , فلهذا قيده بالذَّكَر .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال المازري : أنكر المبتدعة هذا الحديث ، وزعموا أنه يحط منصب
النبوة ويشكك فيها , قالوا : وكل ما أدَّى إلى ذلك فهو باطل , وزعموا أن تجويز هذا
يعدم الثقة بما شرعه من الشرائع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس
هو ثَمَّ ( هناك ) , وأنه يوحي إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء , قال المازري : وهذا
كله مردود ؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن
الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ , والمعجزات شاهدات بتصديقه , فتجويز ما قام
الدليل على خلافه باطل ، وأما ما يتعلق ببعض الأمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا
كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض , فغير بعيد أن
يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين
.
قال : وقد قال بعض الناس : إن المراد بالحديث أنه كان صلى الله
عليه وسلم يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن , وهذا كثيراً ما يقع تخيله
للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة .
قلت – أي : ابن حجر - : وهذا قد ورد صريحاً في رواية ابن عيينة
عند البخاري ، ولفظه : ( حتى كان يرى ( أي : يظن ) أنه يأتي النساء ولا يأتيهن )
وفي رواية الحميدي : ( أنه يأتي أهله ولا يأتيهم ) .
قال عياض : فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه
لا على تمييزه ومعتقده ... .
وقال المهلب : صون النبي صلى الله عليه وسلم من الشياطين لا يمنع
إرادتهم كيده , ففي الصحيح أن شيطاناً أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه ,
فكذلك السحر ، ما ناله من ضرره لا يدخل نقصا على ما يتعلق بالتبليغ , بل هو من جنس
ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام , أو عجز عن بعض الفعل , أو
حدوث تخيل لا يستمر , بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين " انتهى
.
"فتح الباري" (10/226، 227) باختصار .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السحر الذي سحرته اليهود به :
قد أنكر هذا طائفة من الناس ، وقالوا : لا يجوز هذا عليه ،
وظنُّوه نقصاً وعيباً ، وليس الأمر كما زعموا ، بل هو من جنس ما كان يعتريه من
الأسقام والأوجاع ، وهو مرض من الأمراض ، وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما ،
وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( سُحِر رسول الله حتى إن
كان ليخيَّل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن ، وذلك أشد ما يكون من السحر ) قال
القاضي عياض : والسحر مرض من الأمراض ، وعارض من العلل ، يجوز عليه كأنواع الأمراض
مما لا يُنكر ، ولا يَقدح في نبوته .
وأما كونه يخيَّل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله : فليس في هذا ما
يُدخل عليه داخلة في شيء من صدقه ؛ لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا ، وإنما
هذا فيما يجوز أن يطرأ عليه في أمر دنياه التي لم يُبعث لسببها ، ولا فُضِّل من
أجلها ، وهو فيها عُرضة للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أنه يخيَّل إليه مِن أمورها
ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان " انتهى .
"زاد المعاد" (4/124) .
وبعد ، فقد تبيَّن صحة الحديث ، وعدم تنقصه من منصب النبوة ،
والله سبحانه وتعالى يعصم نبيَّه صلى الله عليه وسلم قبل السحر وأثناءه وبعده ، ولا
يعدو سحره عن كونه متعلقاً بظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي أهله وهو لم يفعل
، وهو في أمرٍ دنيوي بحت ، ولا علاقة لسحره بتبليغ الرسالة البتة ، وفيما سبق من
كلام أهل العلم كفاية ، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى "فتح الباري" و "زاد المعاد"
.
حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ، وقد رواه البخاري
ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث ، وتلقاه أهل السنَّة بالقبول والرضا ، ولم يُنكره
إلا المبتدعة ، وفيما يلي نص الحديث ، وتخريجه ، ومعناه ، ورد العلماء على من أنكره
.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( سُحِرَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ
أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ , حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا ,
وَدَعَا ثُمَّ قَالَ : أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي
؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ
رِجْلَيَّ , فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ :
مَطْبُوبٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَ :
فِيمَا ذَا ؟ قَالَ : فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ
فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ . فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ
: نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . فَقُلْتُ : اسْتَخْرَجْتَهُ ؟
فَقَالَ : لا , أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ , وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ
ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا , ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ ) رواه البخاري
(3268) ومسلم (2189) .
مطبوب : مسحور .
(مُشط) : آلة تسريح الشعر .
(مشاقة) أو (مشاطة) : ما يسقط من الشعر .
(وجف طلع نخلة ذَكَر) : هو الغشاء الذي يكون على الطلع ، ويطلق
على الذكر والأنثى , فلهذا قيده بالذَّكَر .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال المازري : أنكر المبتدعة هذا الحديث ، وزعموا أنه يحط منصب
النبوة ويشكك فيها , قالوا : وكل ما أدَّى إلى ذلك فهو باطل , وزعموا أن تجويز هذا
يعدم الثقة بما شرعه من الشرائع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس
هو ثَمَّ ( هناك ) , وأنه يوحي إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء , قال المازري : وهذا
كله مردود ؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن
الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ , والمعجزات شاهدات بتصديقه , فتجويز ما قام
الدليل على خلافه باطل ، وأما ما يتعلق ببعض الأمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا
كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض , فغير بعيد أن
يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين
.
قال : وقد قال بعض الناس : إن المراد بالحديث أنه كان صلى الله
عليه وسلم يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن , وهذا كثيراً ما يقع تخيله
للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة .
قلت – أي : ابن حجر - : وهذا قد ورد صريحاً في رواية ابن عيينة
عند البخاري ، ولفظه : ( حتى كان يرى ( أي : يظن ) أنه يأتي النساء ولا يأتيهن )
وفي رواية الحميدي : ( أنه يأتي أهله ولا يأتيهم ) .
قال عياض : فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه
لا على تمييزه ومعتقده ... .
وقال المهلب : صون النبي صلى الله عليه وسلم من الشياطين لا يمنع
إرادتهم كيده , ففي الصحيح أن شيطاناً أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه ,
فكذلك السحر ، ما ناله من ضرره لا يدخل نقصا على ما يتعلق بالتبليغ , بل هو من جنس
ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام , أو عجز عن بعض الفعل , أو
حدوث تخيل لا يستمر , بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين " انتهى
.
"فتح الباري" (10/226، 227) باختصار .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السحر الذي سحرته اليهود به :
قد أنكر هذا طائفة من الناس ، وقالوا : لا يجوز هذا عليه ،
وظنُّوه نقصاً وعيباً ، وليس الأمر كما زعموا ، بل هو من جنس ما كان يعتريه من
الأسقام والأوجاع ، وهو مرض من الأمراض ، وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما ،
وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( سُحِر رسول الله حتى إن
كان ليخيَّل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن ، وذلك أشد ما يكون من السحر ) قال
القاضي عياض : والسحر مرض من الأمراض ، وعارض من العلل ، يجوز عليه كأنواع الأمراض
مما لا يُنكر ، ولا يَقدح في نبوته .
وأما كونه يخيَّل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله : فليس في هذا ما
يُدخل عليه داخلة في شيء من صدقه ؛ لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا ، وإنما
هذا فيما يجوز أن يطرأ عليه في أمر دنياه التي لم يُبعث لسببها ، ولا فُضِّل من
أجلها ، وهو فيها عُرضة للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أنه يخيَّل إليه مِن أمورها
ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان " انتهى .
"زاد المعاد" (4/124) .
وبعد ، فقد تبيَّن صحة الحديث ، وعدم تنقصه من منصب النبوة ،
والله سبحانه وتعالى يعصم نبيَّه صلى الله عليه وسلم قبل السحر وأثناءه وبعده ، ولا
يعدو سحره عن كونه متعلقاً بظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي أهله وهو لم يفعل
، وهو في أمرٍ دنيوي بحت ، ولا علاقة لسحره بتبليغ الرسالة البتة ، وفيما سبق من
كلام أهل العلم كفاية ، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى "فتح الباري" و "زاد المعاد"
.
- والله أعلم .واللة الموفق الى كل خير
محمد ابو الحمد- المدير العام
- عدد الرسائل : 160
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 22/08/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى