احكام الشريعة دائرة على حفظ خمس الدين والنفس والعقل والعرض والمال
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
احكام الشريعة دائرة على حفظ خمس الدين والنفس والعقل والعرض والمال
احكام الشريعة دائرة على حفظ خمس الدين والنفس والعقل والعرض والمال
من طرف محمد ابو الحمد في الجمعة أكتوبر 10, 2008 6:28 am
من طرف محمد ابو الحمد في الجمعة أكتوبر 10, 2008 6:28 am
الحمد لله يقول الحقَّ وهو يهدي السبيل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو حسبنا ونعم الوكيل، وبعد
فإن نَبتة اغتراب الدين في أوطان المسلمين الجهر بالمعاصي والأوزار والتغاضي عن العُصاة المباينين، والفُسَّاق المستعلنين ومداهنتهم، والملاينة معهم ومصانَعتِهُم على حساب العقيدة والشريعة لهو استخفافٌ بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين
والسكوت عن المنكر الظاهر عَيْبٌ في أهل الإسلام، ودليل نقص ولائهم لدين الله وجهادهم لإعلاء كلمته وشرعه، وجهادهم لإعلاء سُنَّة نبيِّه ، وهو علامة على ضعف إيمانهم وقلة توكلهم على من بيده كلُّ حركة وسكون، وَمَنْ أمرُه إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ التوبة
فجعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أول صفاتهم، وأعظم سماتهم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلاَّ كان له من أُمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويعتدون بأمره، ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم خلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حَبَّةُ خردل» رواه مسلم
الرويبضة والشيخ اللحيدان
فقد أبى أصحاب الأهواء الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، أن يتركوا المسلمين لينعموا بشهرهم الكريم، شهر رمضان المبارك دون أن ينغصوا عليهم، وقد انقدحت الشرارة الإعلامية للفتنة من موقع «إيلاف» الإلكتروني، ثم انعقد دخانها بعد أن تلقفت الخبر وسائل إعلامية عربية وإسلامية، لينتقل بعد ذلك إلى بؤرة الإعلام العالمي، ويحتل المرتبة الأولى في النشرات والحوارات والتعليقات حول نص الفتوى الموجهة إلى أصحاب القنوات العابثة بالعقائد، وبث الشُبَهْ الفاسدة، وتمريغ الأخلاق الفاضلة، وخَلْخَلَة التماسك الاجتماعي في الأمة
وقد جاءت الفتوى جوابًا لسؤال إلى فضيلة الشيخ الفقيه صالح بن محمد اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية، عن أصحاب القنوات الفضائية الذين يجلبون البرامج السيئة في رمضان، وبالأخص في وقتي المغرب والعشاء، وهما وقتان يكتنفان ذروة الارتقاء الإيماني عند المسلمين في هذا الشهر العظيم
وعن نص الفتوى كما جاءت على لسان سماحة الشيخ اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة، فقد استفتح الشيخ فتواه بتذكير هؤلاء بأن وزرهم مضاعف، ونصحهم بالابتعاد عن نشر التشكيك في العقائد وتلويث الفطر، وبث الفحش والمجون والخلاعة
ثم أردف بأن «من يدعو إلى الفتن إذا قُدِرَ على مَنْعِهِ ولم يمتنع قد يحل قتله؛ لأن دعاة الفساد في الاعتقاد، أو في العمل، إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم قضاءً»
ثم أسْنَد الشيخ رأيه بآية المائدة، وهي قوله تعالى أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا المائدة
الواقع الفقهي لفتوى الشيخ اللحيدان
فقد أجمع المسلمون على أن أحكام الشريعة دائرة على حفظ الكليات الخمس الدين، والنفس، والعقل، والعِرض، والمال، وأن الاعتداء على هذه الخمس أو التغرير بها، مُوجبٌ للعقوبة المناسبة التي تتناسب مع الجُرْم؛ لأن الإخلال من شأنه إيقاع الفوضى في البلد، والتوثُّب على الحرمات، وحصول الاضطراب في الأمة، ثم يختلف الفقهاء بعد ذلك في تحديد العقوبة في كل واقعة بحسبها هذا هو القدر الفقهي في المسألة
ومعروف عندهم أن التعزير عند الفقهاء عقوبة عقوبة مفوضة ، وأن تحديد العقوبة المناسبة متروك لنظر القضاء، الذي يتولى الفصل بالعقوبة المناسبة التي تردع المجرم وتصلحه، وتحمي الجماعة من الإجرام، وذلك لأن التعزير حقًا لله، لأن إخلاء البلاد من الفساد واجب مشروع، وفيه دفع للضرر عن الأمة، وتحقيق النفع العام
وأما فيما يتعلق بتحديد نوع العقوبة التعزيرية، وهل يمكن أن تصل إلى القتل، هذا بعد اتفاقهم على مشروعية التعزير، وأن الغرض منه الزجر، أي منع الفاعل من المعاودة، ومنع غيره منها
وأجمع العلماء على وجوب قتل المسلم إذا سب النبي ؛ لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا الأحزاب ، وألحقوا بهؤلاء كل من لا يندفع شره إلاَّ بذلك كالساحر والزنديق الداعي إلى زندقته
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بأن من لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قُتِل، مثل المفرق لجماعة المسلمين، والداعي إلى البدع في الدين السياسية الشرعية ص
وجعل هذا الحكم من باب دفع الصائل، الذي إذا لم يُكفّ شره إلاَّ بالقتل قُتِل؛ بما رواه مسلم في صحيحه عن عرفجة الأشجعي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول «من أتاكم وأمركم جميعٌ على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» مسلم
وذهب طائفة من الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز القتل تعزيرًا في جرائم معينة، بشروط مخصوصة، منها قتل الجاسوس المسلم، ومن ذلك قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة كالجهمية، وهو مذهب الإمام مالك، وطائفة من أصحاب الإمام أحمد، ومنعه آخرون
على أن قول الفقهاء بأنه يمكن أن يبلغ التعزير القتل؛ لا يعنون أن القاضي يبدأ بقتل الجاني، بل يتدرج به من أخف العقوبات كالتوبيخ مثلاً، ويتصاعد به إلى ما فوق ذلك إن عاد
السياسة الشرعية وعلاقتها بالفتوى
فالأصل عند الفقهاء أن يلتزم المفتي بالحدود الفقهية، وهي حدود تراعي التيسير ورفع الحرج عن المكلفين، لكن إن ظهرت للمفتي المصلحة في التشديد على المكلف كان له ذلك بمقدار ما يحصل الردع والزجر
فعن سعد بن عبيدة رضي الله عنه قال جاء رجلٌ إلى ابن عباس فقال لمن قَتَلَ مؤمنًا توبةٌ؟ قال لا، إلا النار فلما ذهب قال له جلساؤه ما هكذا كنت تفتينا، إنَّ لمن قتل مؤمنًا توبة مقبولة، فما بال اليوم ؟ قال إني أحسبه اليوم وجلاً مغضبًا يريد أن يقتل مؤمنًا، قال فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك أخرجه ابن أبي شيبة
فهذا من جنس السياسة الشرعية، التي يتعاطاها المفتي بحسب حال السائلين لطفًا أو عنفًا
كما قال الصيمري «إذا رأى المفتي المصلحة أن يفتي العامي بما فيه تغليظٌ، وهو مما لا يعتقد ظاهره، وله فيه تأويل، جاز ذلك زجرًا له، كما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن توبة القاتل، فقال لا توبة له أخرجه الطبري في تفسيره وسأله آخر فقال له توبة ثم قال أما الأول فرأيت في عينه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني فجاء مستكينًا، قد قَتل فلم أقْنطه آداب الفتوى للنووي
فهذا ضربٌ من السياسة الشرعية، وستظل مبادئ السياسة الشرعية أصولاً كلية يفيء إليها الفقهاء والمفتون ليطلبوا منها لأدواء الأمة ما شاء الله، ولن تتطرق إليها عوامل الغير والتنسُّخ، وإن تغيرت بعض صورها، وتطبيقاتها، فهي باقية ما بقي الفساد في الواقع أو في المتوقَّع، على ما قاله عمر بن عبد العزيز «تحدث للناس أقْضِيَةٌ بقدر ما يحدثون من الفجور»
الرسالة لابن أبي زيد القيرواني ، وشرح الزرقاني على الموطأ
فهذا الخليفة الراشد قد جوَّز كما ترى إحداث الأقضية واختراعها، على قدر اختراع الفُجَّار الفجور، وإن لم يكن لتلك المحدثات أصلٌ الاعتصام للشاطبي
ولئن جاز تصرُّف الفقيه على هذا النمط في القضاء والحكم، فإن جوازه في الفتيا من باب أولى، فإنهما يشتركان في أنهما إخبار بالحكم الشرعي، وينفرد القضاء بكونه ملزمًا، فإن جاز الإحداث في القضاء، الذي هو متعلق بحقوق العباد فيما بينهم، مع ما هو معلوم من المشاحّة في هذا الباب، فإن هذا ينتج أنه في الفتيا أهون من هذا الوجه
تبجيل العلماء والتأدب معهم
ويندرج تحت هذا الضابط أن ينتقد القول، دون التعرض لقائله بالعيب والذم، فإن هذا هو مقتضى العدل والإنصاف، فضلاً عن كونه أدعى إلى قبول النقد
وعلى الإعلاميين أن يعذروا عقول الجمهور الذي شب عن الطوق، وصار يمحص المقول والمنقول، ويفتش عن البدائل النقية، ويتمكن من الوصول إلى الحقيقة من مصدرها الأصلي، ويلمسها بيديه دون أدنى كلفة، فالمواثيق الإعلامية العالمية تضع هذه الوسائل على المحك بعد أن تنكبت المعايير الشرعية العالية المتوجَّة بقول ربنا تبارك وتعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ الحجرات
ولقد اختصم رجلان إلى الإمام مالك رحمه الله وكان أحدهما شاعرًا فحكم مالك على الشاعر لصاحبه، فغضب الشاعر وقال لمالك «والله لأقطعن ظهرك هجاءً، فقال له مالك يا هذا أتدري بم وصفت نفسك ؟ بالسفه والدناءة، وهما اللذان لا يعجز عنهما أحد، ولكن عليك بما تتقطع الرقاب دونه، الكرم والمروءة» قضاة قرطبية للخشني
ولأن قضية النقد لفتاوى العلماء ذات حساسية بالغة، فمطلوب من المنتقد العناية بالألفاظ التي يعبر بها عن رأيه، باعتبار أنه يتحدث تعقيبًا على قول سَبَقَهُ
والكلام في الفتوى الدينية قربة يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، فكان لزامًا على العبد أن يستحضر فيها الإخلاص والتجرد عن الهوى، وأن يكون نقده ابتغاء وجهه سبحانه، لا ابتغاء حظوظ النفس وأهوائها
اللحيدان وتاريخ ناصع في العلم والفتوى
وحياة الشيخ اللحيدان العلمية في الإفتاء والقضاء والتي تربو على خمسين عامًا، لهي أكبر دليل على التأصيل والقدرة العلمية والفقهية، مما يمنع معه أن تَصْدُر فيه فتوى عن جهل أو عدم روية، فهو من كبار العلماء في المملكة، وعضو في هيئة كبار العلماء منذ تأسيسها، وأن هناك قنوات سحر ومجون وعنف ومفسدة للأخلاق، والشيخ حفظه الله يتحدث بلغة قضائية عالية، ومن منطق قضائي قانوني صحيح، وهو التعزير، فهو يرى بجواز وصول التعزير إلى القتل كما يرى جمهور العلماء، ولم يقل الشيخ بأنه يجوز للأفراد قتل هؤلاء، بل يتم ذلك عن طريق القضاء
الشيخ نصر فريد واصل يصرح «فتوى اللحيدان صحيحة»
وفي تعليقه الذي جاء خلال حوار مع صحيفة الجمهورية المصرية في عددها الصادر يوم الخميس الموافق رمضان هـ، قال فضيلة الشيخ نصر فريد واصل مفتي الجمهورية السابق ردًا على سؤال له حول فتوى الشيخ اللحيدان قال الشيخ «لابد أن أقف على ما قاله الشيخ اللحيدان أولاً خاصة أنه عالم معروف بعلمه وعطائه، كما أنه رئيس مجلس القضاء الأعلى، على أنه قاضٍ، ولن يفتي إلاَّ بعد أن يكون قد تمحصَّ الفتوى، كما أنني باعتباري من علماء الأزهر، ومفتي سابق لا يجوز لي أن أعلق على رأي عالم آخر إلا إذا وقفت على كل ما قاله»
وأضاف فضيلة الشيخ نصر فريد واصل قائلاً «إن نص الفتوى كما نقلت عنه في رده على أحد مستمعي الإذاعة الذي سأله عن الموقف من ملاك الفضائيات التي تثير الفتنة عبر برامجها غير اللائقة قال بالنص «إن من يدعو إلى الفتن إذا قدر على منعه ولم يمتنع يحل قتله؛ لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو العمل، إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم بعد إخضاعهم للقضاء
إذن فالرجل يتحدث عن القضاء والمحاكمة والكلام للشيخ نصر فريد واصل ويقول قد يحل قتلهم أي أنه يقصد أنه إذا ثبت على ملاك الفضائيات أو غيرهم أنهم مفسدون في الأرض من خلال قنوات فضائية، وإجراءات تتمثل في نصحهم أولاً إلى آخر الخطوات الشرعية في زجر المفسد، ومحاولة إعادته إلى جادة الصواب، فإن على ولي الأمر أي القاضي هنا أن يعذره بعقوبة قد تصل إلى القتل، وقد يحكم عليه إذا تبين له ذلك بأنه من المفسدين في الأرض، ويحاكمه بعقوبات المفسدين» اهـ
القنوات الفضائية الماجنة
ولقد حذر الله سبحانه من الفتن، ونهى عن الفُرْقة والخلاف، وأمر بالاجتماع والتعاون على الخير والائتلاف، فقال تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
آل عمران
ومن الفتن في هذا الزمان القنوات التي تهدم الدين والأخلاق، وتدعوا إلى الانحراف، وكذلك المواقع الضارة في شبكة المعلومات وما أكثرها، فإنها تدعو إلى كل شرِّ وتصدُّ عن كل خير، وتُحسِّن محاكاة الأمم غير الإسلامية في كلِّ المناحي، وتعجب أشد العجب حين يتاح لوسائل إعلام متعددة أن تنال من شخص عالم جليل كالشيخ صالح اللحيدان
ثم يأتي التساؤل لم أخرت كلمته إلى هذا الوقت بالذات على الرغم من تسجيل اللقاء قبل ذلك بعدة شهور مما يضع الكثير من علامات الاستفهام والتعجب؟
لا يرتاب الغيورون على أحوال الأمة؛ إنها تعيش زمن طوفان الفتن، وأن واقعها المرير يُعجّ بفتن عمياء ودَاواهٍ دهياء، قد انعقد غمامُها وادلهم ظلامها، غير أن هناك فتنة فاقرة، وبليةً ظاهرة، فتنة امُتحِن فيها المسلمون بها عبر التأريخ، فتنةٌ عانت منها الأمة طويلاً، وذاقت مرارتها وتجرعت غُصصها ردحًا من الزمن، فتنةً طال ليلها، وأرخى سدوله بشتى همومها وناءت بكلكلها وغموها
فانكروا أيها المسلمون على من كاشف بمواقعة الحدود، وعظوا من جاهر بملابسة الذنوب، ولا توانوا، ولا تواكلوا ولا تواهنوا ولا تكاسلوا، استفرغوا الوسعَ وابذلوا الجهود قبل أن يستشري المرود، ويستعلي الصدود ويكثر الشُّرود
وإننا نحذر من خذلان العلماء، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه، ولننتبه حتى لا نقع ضحية لتلبيسات هؤلاء الأفاكين، أو لسقطات بعض المحسوبين على العلم، وتصريحاتهم المتعجلة البعيدة عن التثبت والروية
أسأل الله أن يوفق ولاة الأمر لما فيه خير الإسلام والمسلمين، وأن يجعلهم يدًا واحدة مع العلماء والصادقين في وجه كل مفسدٍ ومُخرب وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ الشعراء
وفي نهاية كلمتي انتهز هذه الفرصة لأتقدم بخالص التهنئة إلى الأمة الإسلامية شعوبًا وقادة، داعيًا المولى سبحانه أن يجعل أيامنا كلها أعيادًا، وأن يتبدل حالنا إلى أحسن حال، إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
فإن نَبتة اغتراب الدين في أوطان المسلمين الجهر بالمعاصي والأوزار والتغاضي عن العُصاة المباينين، والفُسَّاق المستعلنين ومداهنتهم، والملاينة معهم ومصانَعتِهُم على حساب العقيدة والشريعة لهو استخفافٌ بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين
والسكوت عن المنكر الظاهر عَيْبٌ في أهل الإسلام، ودليل نقص ولائهم لدين الله وجهادهم لإعلاء كلمته وشرعه، وجهادهم لإعلاء سُنَّة نبيِّه ، وهو علامة على ضعف إيمانهم وقلة توكلهم على من بيده كلُّ حركة وسكون، وَمَنْ أمرُه إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ التوبة
فجعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أول صفاتهم، وأعظم سماتهم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلاَّ كان له من أُمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويعتدون بأمره، ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم خلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حَبَّةُ خردل» رواه مسلم
الرويبضة والشيخ اللحيدان
فقد أبى أصحاب الأهواء الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، أن يتركوا المسلمين لينعموا بشهرهم الكريم، شهر رمضان المبارك دون أن ينغصوا عليهم، وقد انقدحت الشرارة الإعلامية للفتنة من موقع «إيلاف» الإلكتروني، ثم انعقد دخانها بعد أن تلقفت الخبر وسائل إعلامية عربية وإسلامية، لينتقل بعد ذلك إلى بؤرة الإعلام العالمي، ويحتل المرتبة الأولى في النشرات والحوارات والتعليقات حول نص الفتوى الموجهة إلى أصحاب القنوات العابثة بالعقائد، وبث الشُبَهْ الفاسدة، وتمريغ الأخلاق الفاضلة، وخَلْخَلَة التماسك الاجتماعي في الأمة
وقد جاءت الفتوى جوابًا لسؤال إلى فضيلة الشيخ الفقيه صالح بن محمد اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية، عن أصحاب القنوات الفضائية الذين يجلبون البرامج السيئة في رمضان، وبالأخص في وقتي المغرب والعشاء، وهما وقتان يكتنفان ذروة الارتقاء الإيماني عند المسلمين في هذا الشهر العظيم
وعن نص الفتوى كما جاءت على لسان سماحة الشيخ اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة، فقد استفتح الشيخ فتواه بتذكير هؤلاء بأن وزرهم مضاعف، ونصحهم بالابتعاد عن نشر التشكيك في العقائد وتلويث الفطر، وبث الفحش والمجون والخلاعة
ثم أردف بأن «من يدعو إلى الفتن إذا قُدِرَ على مَنْعِهِ ولم يمتنع قد يحل قتله؛ لأن دعاة الفساد في الاعتقاد، أو في العمل، إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم قضاءً»
ثم أسْنَد الشيخ رأيه بآية المائدة، وهي قوله تعالى أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا المائدة
الواقع الفقهي لفتوى الشيخ اللحيدان
فقد أجمع المسلمون على أن أحكام الشريعة دائرة على حفظ الكليات الخمس الدين، والنفس، والعقل، والعِرض، والمال، وأن الاعتداء على هذه الخمس أو التغرير بها، مُوجبٌ للعقوبة المناسبة التي تتناسب مع الجُرْم؛ لأن الإخلال من شأنه إيقاع الفوضى في البلد، والتوثُّب على الحرمات، وحصول الاضطراب في الأمة، ثم يختلف الفقهاء بعد ذلك في تحديد العقوبة في كل واقعة بحسبها هذا هو القدر الفقهي في المسألة
ومعروف عندهم أن التعزير عند الفقهاء عقوبة عقوبة مفوضة ، وأن تحديد العقوبة المناسبة متروك لنظر القضاء، الذي يتولى الفصل بالعقوبة المناسبة التي تردع المجرم وتصلحه، وتحمي الجماعة من الإجرام، وذلك لأن التعزير حقًا لله، لأن إخلاء البلاد من الفساد واجب مشروع، وفيه دفع للضرر عن الأمة، وتحقيق النفع العام
وأما فيما يتعلق بتحديد نوع العقوبة التعزيرية، وهل يمكن أن تصل إلى القتل، هذا بعد اتفاقهم على مشروعية التعزير، وأن الغرض منه الزجر، أي منع الفاعل من المعاودة، ومنع غيره منها
وأجمع العلماء على وجوب قتل المسلم إذا سب النبي ؛ لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا الأحزاب ، وألحقوا بهؤلاء كل من لا يندفع شره إلاَّ بذلك كالساحر والزنديق الداعي إلى زندقته
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بأن من لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قُتِل، مثل المفرق لجماعة المسلمين، والداعي إلى البدع في الدين السياسية الشرعية ص
وجعل هذا الحكم من باب دفع الصائل، الذي إذا لم يُكفّ شره إلاَّ بالقتل قُتِل؛ بما رواه مسلم في صحيحه عن عرفجة الأشجعي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول «من أتاكم وأمركم جميعٌ على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» مسلم
وذهب طائفة من الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز القتل تعزيرًا في جرائم معينة، بشروط مخصوصة، منها قتل الجاسوس المسلم، ومن ذلك قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة كالجهمية، وهو مذهب الإمام مالك، وطائفة من أصحاب الإمام أحمد، ومنعه آخرون
على أن قول الفقهاء بأنه يمكن أن يبلغ التعزير القتل؛ لا يعنون أن القاضي يبدأ بقتل الجاني، بل يتدرج به من أخف العقوبات كالتوبيخ مثلاً، ويتصاعد به إلى ما فوق ذلك إن عاد
السياسة الشرعية وعلاقتها بالفتوى
فالأصل عند الفقهاء أن يلتزم المفتي بالحدود الفقهية، وهي حدود تراعي التيسير ورفع الحرج عن المكلفين، لكن إن ظهرت للمفتي المصلحة في التشديد على المكلف كان له ذلك بمقدار ما يحصل الردع والزجر
فعن سعد بن عبيدة رضي الله عنه قال جاء رجلٌ إلى ابن عباس فقال لمن قَتَلَ مؤمنًا توبةٌ؟ قال لا، إلا النار فلما ذهب قال له جلساؤه ما هكذا كنت تفتينا، إنَّ لمن قتل مؤمنًا توبة مقبولة، فما بال اليوم ؟ قال إني أحسبه اليوم وجلاً مغضبًا يريد أن يقتل مؤمنًا، قال فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك أخرجه ابن أبي شيبة
فهذا من جنس السياسة الشرعية، التي يتعاطاها المفتي بحسب حال السائلين لطفًا أو عنفًا
كما قال الصيمري «إذا رأى المفتي المصلحة أن يفتي العامي بما فيه تغليظٌ، وهو مما لا يعتقد ظاهره، وله فيه تأويل، جاز ذلك زجرًا له، كما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن توبة القاتل، فقال لا توبة له أخرجه الطبري في تفسيره وسأله آخر فقال له توبة ثم قال أما الأول فرأيت في عينه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني فجاء مستكينًا، قد قَتل فلم أقْنطه آداب الفتوى للنووي
فهذا ضربٌ من السياسة الشرعية، وستظل مبادئ السياسة الشرعية أصولاً كلية يفيء إليها الفقهاء والمفتون ليطلبوا منها لأدواء الأمة ما شاء الله، ولن تتطرق إليها عوامل الغير والتنسُّخ، وإن تغيرت بعض صورها، وتطبيقاتها، فهي باقية ما بقي الفساد في الواقع أو في المتوقَّع، على ما قاله عمر بن عبد العزيز «تحدث للناس أقْضِيَةٌ بقدر ما يحدثون من الفجور»
الرسالة لابن أبي زيد القيرواني ، وشرح الزرقاني على الموطأ
فهذا الخليفة الراشد قد جوَّز كما ترى إحداث الأقضية واختراعها، على قدر اختراع الفُجَّار الفجور، وإن لم يكن لتلك المحدثات أصلٌ الاعتصام للشاطبي
ولئن جاز تصرُّف الفقيه على هذا النمط في القضاء والحكم، فإن جوازه في الفتيا من باب أولى، فإنهما يشتركان في أنهما إخبار بالحكم الشرعي، وينفرد القضاء بكونه ملزمًا، فإن جاز الإحداث في القضاء، الذي هو متعلق بحقوق العباد فيما بينهم، مع ما هو معلوم من المشاحّة في هذا الباب، فإن هذا ينتج أنه في الفتيا أهون من هذا الوجه
تبجيل العلماء والتأدب معهم
ويندرج تحت هذا الضابط أن ينتقد القول، دون التعرض لقائله بالعيب والذم، فإن هذا هو مقتضى العدل والإنصاف، فضلاً عن كونه أدعى إلى قبول النقد
وعلى الإعلاميين أن يعذروا عقول الجمهور الذي شب عن الطوق، وصار يمحص المقول والمنقول، ويفتش عن البدائل النقية، ويتمكن من الوصول إلى الحقيقة من مصدرها الأصلي، ويلمسها بيديه دون أدنى كلفة، فالمواثيق الإعلامية العالمية تضع هذه الوسائل على المحك بعد أن تنكبت المعايير الشرعية العالية المتوجَّة بقول ربنا تبارك وتعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ الحجرات
ولقد اختصم رجلان إلى الإمام مالك رحمه الله وكان أحدهما شاعرًا فحكم مالك على الشاعر لصاحبه، فغضب الشاعر وقال لمالك «والله لأقطعن ظهرك هجاءً، فقال له مالك يا هذا أتدري بم وصفت نفسك ؟ بالسفه والدناءة، وهما اللذان لا يعجز عنهما أحد، ولكن عليك بما تتقطع الرقاب دونه، الكرم والمروءة» قضاة قرطبية للخشني
ولأن قضية النقد لفتاوى العلماء ذات حساسية بالغة، فمطلوب من المنتقد العناية بالألفاظ التي يعبر بها عن رأيه، باعتبار أنه يتحدث تعقيبًا على قول سَبَقَهُ
والكلام في الفتوى الدينية قربة يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، فكان لزامًا على العبد أن يستحضر فيها الإخلاص والتجرد عن الهوى، وأن يكون نقده ابتغاء وجهه سبحانه، لا ابتغاء حظوظ النفس وأهوائها
اللحيدان وتاريخ ناصع في العلم والفتوى
وحياة الشيخ اللحيدان العلمية في الإفتاء والقضاء والتي تربو على خمسين عامًا، لهي أكبر دليل على التأصيل والقدرة العلمية والفقهية، مما يمنع معه أن تَصْدُر فيه فتوى عن جهل أو عدم روية، فهو من كبار العلماء في المملكة، وعضو في هيئة كبار العلماء منذ تأسيسها، وأن هناك قنوات سحر ومجون وعنف ومفسدة للأخلاق، والشيخ حفظه الله يتحدث بلغة قضائية عالية، ومن منطق قضائي قانوني صحيح، وهو التعزير، فهو يرى بجواز وصول التعزير إلى القتل كما يرى جمهور العلماء، ولم يقل الشيخ بأنه يجوز للأفراد قتل هؤلاء، بل يتم ذلك عن طريق القضاء
الشيخ نصر فريد واصل يصرح «فتوى اللحيدان صحيحة»
وفي تعليقه الذي جاء خلال حوار مع صحيفة الجمهورية المصرية في عددها الصادر يوم الخميس الموافق رمضان هـ، قال فضيلة الشيخ نصر فريد واصل مفتي الجمهورية السابق ردًا على سؤال له حول فتوى الشيخ اللحيدان قال الشيخ «لابد أن أقف على ما قاله الشيخ اللحيدان أولاً خاصة أنه عالم معروف بعلمه وعطائه، كما أنه رئيس مجلس القضاء الأعلى، على أنه قاضٍ، ولن يفتي إلاَّ بعد أن يكون قد تمحصَّ الفتوى، كما أنني باعتباري من علماء الأزهر، ومفتي سابق لا يجوز لي أن أعلق على رأي عالم آخر إلا إذا وقفت على كل ما قاله»
وأضاف فضيلة الشيخ نصر فريد واصل قائلاً «إن نص الفتوى كما نقلت عنه في رده على أحد مستمعي الإذاعة الذي سأله عن الموقف من ملاك الفضائيات التي تثير الفتنة عبر برامجها غير اللائقة قال بالنص «إن من يدعو إلى الفتن إذا قدر على منعه ولم يمتنع يحل قتله؛ لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو العمل، إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم بعد إخضاعهم للقضاء
إذن فالرجل يتحدث عن القضاء والمحاكمة والكلام للشيخ نصر فريد واصل ويقول قد يحل قتلهم أي أنه يقصد أنه إذا ثبت على ملاك الفضائيات أو غيرهم أنهم مفسدون في الأرض من خلال قنوات فضائية، وإجراءات تتمثل في نصحهم أولاً إلى آخر الخطوات الشرعية في زجر المفسد، ومحاولة إعادته إلى جادة الصواب، فإن على ولي الأمر أي القاضي هنا أن يعذره بعقوبة قد تصل إلى القتل، وقد يحكم عليه إذا تبين له ذلك بأنه من المفسدين في الأرض، ويحاكمه بعقوبات المفسدين» اهـ
القنوات الفضائية الماجنة
ولقد حذر الله سبحانه من الفتن، ونهى عن الفُرْقة والخلاف، وأمر بالاجتماع والتعاون على الخير والائتلاف، فقال تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
آل عمران
ومن الفتن في هذا الزمان القنوات التي تهدم الدين والأخلاق، وتدعوا إلى الانحراف، وكذلك المواقع الضارة في شبكة المعلومات وما أكثرها، فإنها تدعو إلى كل شرِّ وتصدُّ عن كل خير، وتُحسِّن محاكاة الأمم غير الإسلامية في كلِّ المناحي، وتعجب أشد العجب حين يتاح لوسائل إعلام متعددة أن تنال من شخص عالم جليل كالشيخ صالح اللحيدان
ثم يأتي التساؤل لم أخرت كلمته إلى هذا الوقت بالذات على الرغم من تسجيل اللقاء قبل ذلك بعدة شهور مما يضع الكثير من علامات الاستفهام والتعجب؟
لا يرتاب الغيورون على أحوال الأمة؛ إنها تعيش زمن طوفان الفتن، وأن واقعها المرير يُعجّ بفتن عمياء ودَاواهٍ دهياء، قد انعقد غمامُها وادلهم ظلامها، غير أن هناك فتنة فاقرة، وبليةً ظاهرة، فتنة امُتحِن فيها المسلمون بها عبر التأريخ، فتنةٌ عانت منها الأمة طويلاً، وذاقت مرارتها وتجرعت غُصصها ردحًا من الزمن، فتنةً طال ليلها، وأرخى سدوله بشتى همومها وناءت بكلكلها وغموها
فانكروا أيها المسلمون على من كاشف بمواقعة الحدود، وعظوا من جاهر بملابسة الذنوب، ولا توانوا، ولا تواكلوا ولا تواهنوا ولا تكاسلوا، استفرغوا الوسعَ وابذلوا الجهود قبل أن يستشري المرود، ويستعلي الصدود ويكثر الشُّرود
وإننا نحذر من خذلان العلماء، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه، ولننتبه حتى لا نقع ضحية لتلبيسات هؤلاء الأفاكين، أو لسقطات بعض المحسوبين على العلم، وتصريحاتهم المتعجلة البعيدة عن التثبت والروية
أسأل الله أن يوفق ولاة الأمر لما فيه خير الإسلام والمسلمين، وأن يجعلهم يدًا واحدة مع العلماء والصادقين في وجه كل مفسدٍ ومُخرب وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ الشعراء
وفي نهاية كلمتي انتهز هذه الفرصة لأتقدم بخالص التهنئة إلى الأمة الإسلامية شعوبًا وقادة، داعيًا المولى سبحانه أن يجعل أيامنا كلها أعيادًا، وأن يتبدل حالنا إلى أحسن حال، إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
محمد ابو الحمد- المدير العام
- عدد الرسائل : 160
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 22/08/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى